كل شيء في وطني ممنوع,, الحب ممنوع,, الوطن ممنوع..الطفولة ممنوعة,, يتغنى أطفال العالم بعيد اسمه الطفولة..إلا أطفالك يا وطني,, لا يعرفون الطفولة,, ولا الطفولة تعرفهم يولدون رجالا ويموتون رجالا تكبلهم مسؤوليات الهموم....لا لعب لديهم سوى الرصاص والحجارة,, ولا قصص لديهم سوى الشهداء والانتفاضة,, لا مياه لديهم ولا قطرات ماء سوى دموع الأرامل والثكالى...فتموت فيهم الطفولة,, ويحيا فيهم الألم,, وتموت فيهم الابتسامة,,ويحيا الأمل..غرباء أطفالك ياوطنى,,ضاعت ابتسامتهم قبل أن يعرفوها ضاعت فيك الطفولة يا وطني...يعاتبنا العالم بأننا شعب فقد الطفولة,, وفقدنا البراءة معها,, وبتنا شعبا فاقد الأخلاق صدقت يا عالم الأخلاق,, فأنت من حرمنا نعومة الصبا,, وجرعتنا الألم والعلقم,, وأوقعت علينا الحصار وأفقدتمونا كل شيء...ولكن أطفالك يا وطني بنو تاريخا بالحجارة والقلم..
انا الطفل الفلسطيني الذي لم يتوقف عن توديع الشهداء كل يوم!! فعلى مدار السنتين واكثر ما زال لنا في كل يوم اكثر من جنازة وقبر وتابوت، وما زال لنا في كل يوم اكثر من بيت عزاء!! وما زال لنا في كل يوم اكثر من ثكلى واكثر من يتيم واكثر من باكية نائحة واكثر من ناعية جائحة !! ما زالت لدينا قوافل الايتام تزداد يوما بعد يوم !! وما زالت لدينا قوافل الارامل والثكالى تزداد يوما بعد يوم !! وما زالت لدينا قوافل الجرحى والمعتقلين تزداد يوما بعد يوم !! ما زلت اتجوّل بين مئات البيوت المدمرة وآلاف البيوت المتصدعة !! ما زلت امر بمسجد الخضراء المهدوم في نابلس ، ومسجد الشيخ زيد المهدوم في طولكرم !! ما زلت امر بعشرات المساجد الاخرى وقد عاثت بها يد الاحتلال الاسرائيلي خرابا وارهابا !! فكم من مسجد بالوا في محرابه، وكم من مسجد حطموا كبرياء منبره، وكم من مصحف مزقوه واستخدموا اوراقه عند قضاء حاجتهم، وكم من مئذنة قصفوا شموخها العالي والغالي ، وكم من مسجد ارادوا به كيدا وحرقوه !
انا الطفل الفلسطيني الذي ما زالت تطارده الدبابات حتى الآن في كل رقعة من جرحنا الكبير في الضفة الغربية وقطاع غزة !! وما زالت هذه الدبابات المتوحشة تطارد جدتي كلما تجرأت وصعدت الى الجبل القريب منا لتحضر لنا بعض ( الزعتر ) او اعواد ( الميرمية ) علّها تخفف من حدة جوعنا ومرضنا وعطشنا !!
انا الطفل الفلسطيني الذي ما زال يتنفس رائحة الموت في كل مكان !! نعم ما زلت اتنفس رائحة البارود والقنابل والرصاص في كل مكان !! ما زلت اتنفس رائحة الحصار بعد الحصار كل يوم !! رباه ارحم هواني على المحتلين !!
انا الطفل الفلسطيني الذي يريدون ابعادي عن القدس الشريف والمسجد الاقصى المبارك طريدا او سجينا، وانا اقول لهم: بل سأحيى للقدس الشريف والاقصى المبارك شهيدا ... شهيدا ... شهيدا ... قول صدق لا تمثيل ..
وتبقى طفولتنا ضائعة بين احتلال وفلتان ....